الزبير بن العوام:
كان الصحابي الجليل الزبير بن العوام رضي الله عنه واحدًا ممن سَلَّ سيفه دفاعًا عن رسول الله، ففي "حلية الأولياء" أن الزبير سمع نفحة نفحها الشيطان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُخِذَ بأعلى مكة، فخرج الزبير رضي الله عنه يشق الناس بسيفه حتى أتى أعلى مكة فلقيه فقال صلى الله عليه وسلم: "ما لك يا زبير" فقال: أُخبرتُ أنك أُخِذتَ، فأتيتُ أضربُ بسيفي من أخذك، فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكـان بذلـك أول من سَلَّ سيفًـا فـي سبيل الله.
قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لكل نبي حواريٌّ وحواريَّ الزبير" وكان الزبير رضي الله عنه ءانذاك كما ذكر الذهبي في "سير أعلام النبلاء" ابن اثنتي عشرة سنة وقد قال موسى بن طلحة: كان عليٌّ والزبير وطلحة وسعد عِذار عام واحد أي ولدوا في سنة واحدة وقال المدائني: كان طلحة والزبير وعلي أترابًا وكان عمه يُعلقه ويُدَخّن عليه وهو يقول: لا أرجع إلى الكفر أبدًا.
شهد الزبير رضي الله عنه الغزوات والمشاهد كلها مع رسول الله وبايعه على الموت في سبيل الله وثبت معه يوم بدر ويوم أُحُد وكانت معه إحدى رايات المهاجرين يوم غزوة الفتح، فلما دخل المسلمون مكة المكرمة يوم الفتح كان الزبير رضي الله عنه على المجَنَّبة اليسرى، وكان المقداد بن الأسود على المجَنَّبة اليمنى، فجاءا بفرسيهما فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح الغبار عن وجهيهما بثوبه وقال: "إني قد جعلت للفرس سهمين وللفارس سهمًا، فمن نَقَصَهما نَقَصَه الله".
ولما كانت غزوة بدر الكبرى كان على الزبير عمامة صفراء فنزل جبريل والملائكة على سيماء الزبير، وفي الطبقات الكبرى لابن سعد عن عمرو بن عاصم الكلابي عن هَمّام عن هشام بن عروة عن أبيه قال: كانت على الزبير رَيطة صفراء مُعتجرًا بها يوم بدر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "إن الملائكة نزلت على سيماء الزبير".
وفي البخاري ومسلم وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الخندق: "من يأتيني بخبر القوم" فقال الزبير: أنا، فأعادها النبي صلى الله عليه وسلم ثانية وثالثة والزبير يقول: أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم حينئذٍ: "لكل نبي حواريٌّ وحواريّ الزبير".
وفي "سير أعلام النبلاء" للذهبي عن يونس بن بُكَير عن هشام عن أبيه عن الزبير أنه قال: "أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال: "لكل نبي حواريٌّ وحواريَّ الزبير وابن عمتي". وقد أخرجه ابن سعد في طبقاته وصححه الحاكم في مستدركه. والحواريُّ في اللغة هو الناصر أو ناصر الأنبياء كما ذكر صاحب القاموس وقال مصعب الزُبيري: هو الخالص من كل شىء وقال الكلبي: الحواريُّ: الخليل.
وفي طبقات ابن سعد بالإسناد عن هشام بن عروة أن غلامًا مر بابن عمر فسئل من هو فقال: أنا ابن حَواريّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عمر: إن كنتَ من ولد الزبير وإلا فلا فسئل ابن عمر: هل كان أحد يقال له حواريُّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غير الزبير؟ فقال: لا أعلمه.